“الأوطان ليست حفنة من تراب”.. خطبة الجمعة من وزارة الأوقاف: حب الوطن عبادة ومسؤولية

في بيان رسمي صدر عن وزارة الأوقاف المصرية، تم الإعلان عن عنوان خطبة الجمعة لهذا اليوم: “الأوطان ليست حفنة من تراب”، وهو عنوان يحمل في طياته رسالة واضحة تؤكد أن حب الوطن ليس مجرد مشاعر عابرة، بل هو ركن من أركان التدين الحقيقي، وقيمة عليا في منظومة الأخلاق الإسلامية.

تهدف الخطبة إلى بيان أهمية الوطن والعقل في مواجهة الفكر المتطرف، وتسلط الضوء على أن الحفاظ على الوطن ومقدراته هو من أعظم صور البر، وأن الانتماء الحقيقي يترجم إلى أفعال وسلوك حضاري يحفظ الكيان ويصون الهوية.

الوطن.. كيان حي لا جماد صامت

بدأت الخطبة بـحمد الله والثناء عليه، ثم مضت تؤكد أن الوطن ليس جمادًا أو ترابًا فحسب، بل روح تنبض في صدور أبنائه، وتاريخ تسطره الأجيال بالعلم والعمل والجهاد في سبيل تقدمه ورفعته. فهو المكان الذي يشهد ميلادنا، ويحتضن أحلامنا، ويصوغ ملامح حاضرنا ومستقبلنا.

وتساءلت الخطبة ببلاغة مؤثرة: هل يختزل الوطن، بما يحمله من ذكريات ومقدسات وتضحيات، في حفنة من التراب؟ مؤكدة أن من يفعل ذلك قد جهل قدر الأوطان، وأسقط عنها أعظم قيمها.

دلالات شرعية على قيمة الوطن

استشهدت الخطبة بجملة من الآيات القرآنية والأحاديث النبوية التي تبرز قيمة الوطن في ميزان الشريعة. ومن ذلك قول الله تعالى:{ولو أنا كتبنا عليهم أن اقتلوا أنفسكم أو اخرجوا من دياركم ما فعلوه إلا قليل منهم}،
وقوله سبحانه:
{ولولا أن كتب الله عليهم الجلاء لعذبهم في الدنيا}.

وفي الحديث النبوي، جاء عن حب النبي ﷺ لمكة، ومقولته الخالدة:“والله إنك لأحب بلاد الله إلى الله، ولولا أن قومك أخرجوني منك ما خرجت”.
كما جاء في الصحيحين:
“أحد جبل يحبنا ونحبه”، وهو إشارة واضحة إلى مشاعر الارتباط العميقة بالمكان، فما بالكم بوطن كامل يحتضن الروح والهوية والكيان؟

الوطن في فطرة الإنسان وميراث العرب

أكدت الخطبة أن حب الوطن مغروس في فطرة الإنسان السوي، وأن العرب عبر التاريخ كانوا يحملون معهم تراب أوطانهم عند السفر، كما ذكر الإمام ابن الجوزي، وكانوا يرونه جزءًا من عافيتهم النفسية والجسدية، وهو ما يؤكد أن الانتماء للوطن ليس عرضًا طارئًا بل عمق متجذر في النفس والوجدان.

صور عملية لحب الوطن

انتقلت الخطبة من التنظير إلى التطبيق، مبينة أن حب الوطن لا يُختزل في الشعارات والعبارات الرنانة، بل يتجلى في صور عملية ملموسة، منها:

الحفاظ على الممتلكات العامة، كالقطارات ووسائل النقل والبنية التحتية، واعتبار الاعتداء عليها خيانة جماعية.

التمسك باللغة العربية، باعتبارها هوية الأمة ولسان حضارتها، ولغة القرآن الكريم.

الإخلاص في العمل، فكل موظف، وطبيب، ومعلم، وتاجر، وعامل، هم جنود يبنون الوطن ويحمونه من الداخل.

دعم الاقتصاد الوطني، بشراء المنتج المحلي، ومحاربة الفساد، والمساهمة الفاعلة في التنمية، تحقيقًا لقوله تعالى: {وقل اعملوا فسيرى الله عملكم ورسوله والمؤمنون}

التحذير من الفكر المتطرف

في سياق متصل، شددت الخطبة على أن الفكر المتطرف الذي يسعى لتدمير الأوطان بحجة الدين هو فكر منحرف، يخالف جوهر الإسلام، ويسيء إلى مقاصده، فالدين يدعو إلى الإعمار لا الخراب، البناء لا الهدم، الوحدة لا التفرقة.

وجاء في الخطبة: “إن من يفجر وطنه، أو يخرب مؤسساته، أو يقتل أبناءه، لا يمكن أن يكون محبًا لدينه، فالدين والوطنية لا يفترقان، والإيمان الحق لا يلتقي مع خيانة الوطن.”

 دعاء للوطن

اختتمت الخطبة بالدعاء لمصر ولأهلها، أن يحفظها الله من كل سوء، وينثر عليها بساط الرزق والعافية، ويجعل أهلها من العاملين المخلصين في سبيل رفعتها ونهضتها.


نقلاً عن : تحيا مصر

أحمد ناجيمؤلف

Avatar for أحمد ناجي

أحمد ناجي محرر الأخبار العاجلة بموقع خليج فايف

لا تعليق

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *